( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
الرقاب تشرئب تلهفاَ للتلاقي والعناق .. تدعي قمة الإخلاص لذلك النور القادم من فوق السحاب .. تظهر الصدق والإخلاص في النوايا والمشاعر .. وهي مرائية كاذبة منافقة .. تهتف بالألسن خلاف ما تبطن به الأفئدة .. تنادي وهي غير صادقة في النداء .. وتدعي الحسرة والندامة حين تفتقد الغائب البعيد .. ثم تظهر الممانعة والمناكفة والحروب حين يتواجد المفقود .. وتلك عيوب كامنة في بني الإنسان أينما تواجد فوق وجه الأرض .. عيوب تخفيها أغطية السرائر !! .. وعلل قائمة في الإنسان منذ أن وطأت أقدام الأب آدم لوجه البسيطة .. سمة معلومة في الإنسان أبـد الدهر .. فمتى ما زادت عددية الإنسان عن الواحد أطلت بوادر الفرقة والخلاف والاختلاف .. وكلما زادت العددية كلما تفاقم مقدار الشتات والشقاق والتناحر .. وزاد مقدار المصائب والبلاء .. والقرائن والحيثيات تؤكد أن الإنسان فوق وجه الأرض يمثل ذلك المخلوق العجيب .. فهو ذلك الخلط الفارط الغريب الذي يتسم بألوان المتناقضات .. تلك المتناقضات التي تدور في أفلاك المستحيل .. فالإنسان أبد الدهر يعشق ألوان المناكفات والخلافات والاختلافات .. ويستحيل للإنسان أن يجمع الأمر في البوتقة الواحدة كماَ ونوعاَ ووفاقاَ وعناقـاَ .. وحتى تلك الرسالات السماوية السامية لم تسلم من تصدي ورفض الإنسان لها .. حيث واجهت الحروب والممانعة والرفض والترصد لها بالمرصاد .. كما أن الرسل عليهم الصلاة والتسليم لم يسلموا من مناكفات وحروب الإنسان .. بالرغم من أن تلك الرسالات السماوية كانت ترد لهداية ونصرة الإنسان !.. ولكن الإنسان كعادته كان ظلوماَ جهولاَ .. فهو يفتقد بوصلات الإرشاد التي تمكنه من فرز الصالح من الطالح .. وبذلك نجد الإنسان مغايراَ عن الكثير من مخلوقات الأرض .. فتلك تجمعات النمل حيث الخلية الواحدة التي تضم الملايين من النمل .. نجدها تعمل بهمة واجتهاد ليلاَ ونهاراَ دون خلافات واختلافات في الرأي أو المواقف !! .. فهي تضع المصلحة الجماعية فوق كل المصالح .. ولا مجال هنالك للفلسفات الفكرية أو للأفكار الذاتية .. وتلك هي العلة القاتلة في الإنسان حيث تسقطه الأفكار الفلسفية والمبادئ الهامشية .. فهو يهدر الأعمار في المواقف الصورية والمعنوية دون ذلك الجهد الحسي والمادي الذي يعني البناء والإنتاج .. والصورة أشد وضوحاَ في المجتمعات المتخلفة حيث ذلك الإنسان الخامل الذي يجيد النباح ولا يجيد خطوات النجاح .. تروس تعمل للخلف لتعطل الدوران .. تلك الشعوب والأمم المتخلفة عن ركب التقدم والتكنولوجيا .. والتي تعمل بألسنتها وبأفكارها الفلسفية أكثر من عملها بالأيدي والإنتاج .
............ وهنالك جماعات كثيرة في أرجاء العالم تقول أنها تنتظر قدوم المهدي إلى الأرض حتى تكون في خندق المعية والمناصرة .. وتلك جولة معهودة في الإنسان حين يمتطي اللسان دون الحقيقة .. وفرية كبيرة متوقعة من بني الإنسان .. وهو أمر معهود قبل وقوع الحدث كما كان يرد في التاريخ كل مرة .. فما الذي أدراك أن هؤلاء المتملقين قد يكونوا هم أول المحاربين للمهدي ( ذلك المختار المبارك ) إذا قدم !! .. فعندما يجد الجد سوف يجدهم الناس أشد الناس عداوة وحربا على المهدي وأعوانه .. وسوف يجادلونه ويحاربونه ويراوغونه ويخادعونه .. وما يخدعون إلا أنفسهم .. وما ذلك في مسار الإنسان بجديد .. فهو ذلك الجدل المعهود المخيف .. ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلاَ ) .